قوانين علم النفس
تناول المقال الحالي علم النفس وقوانين علم النفس و ماهي قوانين علم النفس والمقصود بقوانين علم النفس واصطلاح القانون في علم النفس بصورة مفصلة.
تمتاز قوانين علم النفس باعتمادها على القواعد العريضة والشاملة بغرض تنظيم سلوك الأفراد داخل المجتمعات المختلفة؛ ولا ترتبط قوانين علم النفس بأي حال من الأحوال بالتطبيقات، حيث أن تلك القوانين تختلف عن النظريات.
اصطلاح القانون في علم النفس
تعتبر القوانين أداة يتم من خلالها تسيير الأنظمة والسياقات الاجتماعية والتي يتم وضعها وفق قوانين البحث العلمي التي يمتلئ بها العالم لضمان بقاؤه واستمراره؛ فمن خلال القوانين المختلفة يمكن توضيح تلك الأنظمة والسياقات من أجل نبذ الغموض والتشويش قدر الإمكان وفي محاولة للقضاء على الفوضى بشتى أشكالها، وذلك لأن قيام الفوضى في العالم يؤدي إلى عدم إمكانية العيش بشكل طبيعي، وانعدام القوانين كذلك يؤدي إلى استحالة التواجد في هذا العالم، فعلى سبيل المثال ووفقاً لقوانين الفيزياء فإن المادة تتشكل في ثلاثة أوجه سواء صلبة أو سائلة أو غازية، فإن حدث وخالفت المادة سير القانون الطبيعي فقد تبتلعنا الأرض الصلبة، أو أن نطير من داخل نوافذ حجراتنا، أو أن الفراغ الجوي قد يختفي، ولكن الواقع يخالف ذلك لحسن الحظ، فالطبيعة تتسم بالترابط والاتساق الداخلي والتماسك العام فيما تحويه من عناصر، والأهم من ذلك أن الطبيعة تسير وفق قوانين محددة ومنمقة لا يمكن الحيود عنها. ولقد اكتشف علماء الفيزياء كثيرا من القوانين التي تحكم كثيرا من الأشياء الكبيرة والصغيرة. ونتيجة لهذه القوانين فإنهم قادرون على بناء أشياء جديدة مثل القنابل الهيدروجينية والصواريخ والقذائف، والكيمائيون قد اكتشفوا قوانين أخرى وما يزالون يستخدمونها في بناء مواد كيمائية وأغذية كيمائية جديدة ووقود وعقاقير وهكذا.
وعلى نفس المنوال، فإن سلوك الفرد يتبع نمطاً يسير وفق قوانين محددة ومنمقة وإلا صار تأسيس بناء مجتمعي من الأمور العسيرة، وهو ما يعين علماء النفس بأن يتمكنوا من التنبؤ بماهية السلوك ومفاده، كأن يتم التنبؤ بنوع الطعام الذي سيقبل عليه الناس في الأسابيع المقبلة، فالجامعة مثلا تظل مفتوحة لأنها تتوقع أن يتقدم إليها أعداد متوالية من الطلاب، والأشخاص ينتظرون وصول القطار في الصباح الباكر أثناء سفرهم اعتمادا على أن القطار سيصل تبعاً لما يوجد من قوانين. لذا يتضح مما سبق أن السلوك يقع نتيجة لأحد الأنظمة بكيفية يغلب عليها النِّظامِيَّة وهو ما يعطي إمكانية التنبؤ به، ومع ذلك فقد يمكن لسلوك معين ألا يقع نتيجة لظروف معينة، فقد تتأخر الصحف عن الصدور، أو أن يتم إلغاء موعد وصول القطار لأسباب ما، أو أن نظاما معينا للضرائب يستقطع جزء من راتبك بشكل مفاجئ. وربما يسود اعتقاد أن السلوك لا يخضع لأية قوانين وفقاً لما ذكر، ولكن تجدر الإشارة بأن هذا الاعتقاد عار من الصحة، فعدم إلمام الأفراد بقوانين السلوك كافة وما تشتمل عليه من حالات شاذة غير متوقعة لا يعني أبداً أن السلوك غير منظم بقوانين تحكمه.
وقد تفترض أننا لو حصلنا على مزيد من المعلومات فإننا قد نتمكن من الحالات الاستثنائية أيضا. ولكن يبدو أننا لا يمكن أن نحصل على جميع المعلومات اللازمة لصياغة قوانين السلوك الإنساني بطريقة مطلقة وكاملة.
ولكن يبدو أننا على القليل لفترة طويلة مقبلة لن نستطيع أن نحصل إلا على قوانين احتمالية وهي القوانين التي تصدق بدرجة تفوق درجة الصدفة، أي أنها تعبر عن احتمال وقوع الظاهرة ولكنها لا تقطع بحدوثها. ويعبر القانون بشكل عام عن توضيح العلاقة التي تربط إما ظاهرة بأخرى أو متغير بآخر، فعلى سبيل المثال تفيد قوانين الفيزياء بوجود رابط قوي بين الضغط والحرارة وهما متغيرين تربطهما علاقة واحدة في محيط واحد في الطبيعة. ويمكن وصف هذه العلاقة بين الحرارة والضغط بأنها علاقة طردية أي كلما زادت الحرارة كلما زاد الضغط. وفيما يتعلق بعلم النفس فلا تختلف طرق وضع القوانين كثيراً عن العلوم الأخرى، فعالم النفس يعمل على دراسة سلوك الإنسان وتنقيح المواقف والأحداث المجتمعية والحياتية فيما تتضمنه من متغيري المثيرات والاستجابات، باعتبار المثير هو المتغير المستقل الذي يحدث أولاً، والاستجابة تُعبر عن المتغير التابع كنتيجة لحدوث هذا المثير. ويقصد بالمثير أي طاقة أو تغيير في الطاقة تسقط أو تؤثر في الجسم الموجود داخل محيط معين في الطبيعة. وعلى ذلك فالمثير قد يكون شيئا وقد يكون حدثا ومن أمثلة المثيرات ما يلي: تيار هوائي، صدمة كهربية، نغمة موسيقية، صحبة صديق من الأصدقاء، قراءة الصحيفة، بكاء الطفل، موقد الغاز. فالمثيرات تتعلق بالمستقبلات الحسية بشكل رئيسي كجانب السمع والبصر والشم واللمس والتذوق. أما الاستجابة فهي جزء من السلوك يمكن أن يكون متصل اتصالا مباشرا بالمثير. فهي جزء من السلوك يمكن استدعائه أو الحصول عليه بواسطة المثير.
والاستجابات قد تكون صغيرة وبسيطة وكبيرة ومعقدة حالها حال المثيرات. وقد تكون مجرد ترحيب بأحد الأصدقاء، أو الوقوف عند مقابلة الناس، أو إعطاء إيماءة معينة. ومن أمثلة الاستجابات تقديم التحيات والسب والشتم، وقيادة السيارات، والتجديف، والجري واللعب والسباحة والكلام والضحك والبكاء والصراخ والفرح والسرور وما إلى ذلك. وهناك بعض الصعوبات التي يلقاها عالم النفس في تحديد بداية الاستجابة ونهايتها. ويُذكر أن بالنسبة لعلم الفيزياء مثلاً فإن تلك المشكلة لا وجود لها. فعندما يصف عالم الفيزياء ظاهرة سقوط جسم معين، فإنه يتعامل مع ظاهرة محددة يعرف بدايتها ونهايتها معرفة جيدة، ويصبح واضحا في الأذهان ما يقصده بسقوط الأجسام، فالسقوط يبدأ عند نزول الأجسام الهابطة وينتهي عندما يصطدم الجسم الهابط بشيء صلب. وهكذا نلمس أن بداية الاستجابة ونهايتها واضحتين و محددتين: أما في علم النفس فإن المسألة ليست بهذا لوضوح أو التحديد. فإن ذلك القطاع أو الجزء الذي نقطعه من السلوك ونأخذه كاستجابة ليس محدداً بصورة طبيعية وإنما محدد تحديداً تعسفياً.
مراجع يمكن الرجوع إليها:
- العيسوي، عبد الرحمن (1997). أصول البحث السيكولوجي. لبنان: دار الراتب الجامعية.