علم النفس
تناول المقال الحالي مفهوم علم النفس و أهمية علم النفس ومجالات علم النفس و سلوك علم النفس
يُفهم علم النفس من خلال ما يقدمه من نظرة متفحصة حول تتبع السلوك الخاص بالكائنات الحية بشكل عام والإنسان بشكل خاص، والسلوك فيما يتعلق بعلم النفس يعني طائفة الأنشطة التي يؤديها الكائن الحي والتي يمكن رصدها من الخارج عن طريق أحد الأفراد أو باستخدام أدوات يعتمدها المُلاحظ، وتشمل الأنشطة أفعالاً تتضمن بعض التصرفات التي يمكن رصدها وملاحظتها بالعين المجردة مثل البكاء والضحك والقفز والعدو.
مفهوم علم النفس
هو ما يقوم عالم النفس بالتباحث حوله والتمحيص فيه من سلوك، وقد يشمل ذلك السلوك حركات تتسم بعدم اتصالها أو ارتباطها بحركات أخرى كالنبضات وحركة إحدى العضلات في الجسم؛ كما قد يكون السلوك أنماط متكاملة تدور حول إشباع حاجة من الحاجات للوصول إلى هدف. فعلى سبيل المثال حينما يساور أحد الحيوانات شعوراً بالجوع فإن نشاط ذلك الحيوان يختلف ويتحول من وضع الثبات إلى وضع الحرمة والبحث عن ما يمكن سد هذا الشعور بالجوع وهو ما يساعده على إشباع حاجته، ويُذكر أن تلك الأنشطة بنواحيها المتعددة تكمل بعضها البعض وذلك داخل سياق نمطي سلوكي مشترك. لذا يمكننا إما دراسة كل عملية من هذه العمليات على حدة، أو دراسة هذه العمليات كلها كعملية نمطية متكاملة، وتتم نتيجة للتفاعل مع البيئة الاجتماعية والمادية للوصول إلى هدف.
أهمية علم النفس
يسعى علم النفس إلى دراسة سلوك الكائنات الحية ومعرفة كيف تسلك بالوصف الدقيق المنظم، والبحث عن الظروف التي تعتبر من المقدمات التي سبقت السلوك أو صاحبته، ويؤدي فهم السلوك إلى التنبؤ به وبالتالي التحكم فيه. هذا ويتبع علم النفس عدة خطوات ذات أساس علمي تتضمن في الملاحظة، وتحديد نطاق المشكلة، وإقامة الفروض، وتجميع ما يلزم من معلومات ومن ثم الاستنتاج والتحقق من صحة تلك النتائج، وذلك بغية التوصل إلى أصول ومعايير ومبادئ علم النفس.
السلوك ومجالات علم النفس
لا يقتصر معنى السلوك على ما هو ظاهر من النشاط ويمكن ملاحظته إما بالعين المجردة أو بالأدوات المختلفة التي يمكن استعمالها. ويهتم علم النفس بدراسة خبرات الأشخاص الفريدة، وذلك ينبع من فكرة أن لكل فرد مخزون من الذكريات والآمال ينتمي إلى عالم يخصه وحده ولا يشاركه فيه غيره
يدرس علم النفس السلوك ويحدد الخبرة، ويقصد بالسلوك هنا السلوك الظاهر، ويقصد بالخبرة ما يقصده علماء النفس أي أوجه النشاط التي لا يدركها إلا صاحبها. ويلعب علم النفس دوراً محورياً في العديد من النطاقات والمجالات الحياتية التي تملأ عصرنا الحالي وإن غلب عليه الطابع المادي
- ففي ميدان السياسة العالمية يعيش العالم الآن في تسابق بين الدول الكبرى لغزو الدول نفسياً، فيما يسمي بالحرب النفسية. وقد ظهرت أهمية هذا السلاح في الحرب العالمية الأولى إذ استغله الحلفاء إلى أقصي حد ضد ألمانيا مما أدى إلى اعتقاد هتلر وحزبه النازي أن ألمانيا لم تهزم عسكرياً في تلك الحرب، بل هزمت اقتصادياً وبالحرب النفسية. الأمر الذي دعا هتلر إلى تنظيم أجهزة الدعاية تحت إشراف جوبلز الذي يعد من كبار المشرعين في هذا الميدان. لذا فعندما قُرِعَت طبول الحرب العالمية الثانية استعد علماء النفس لخوض الحرب جنباً إلى جنب مع الجنود والأفراد المحاربين، ويمكن القول بأنه حتى مع انتهاء الحرب المادية، فإن الحرب النفسية لازالت جارية.
- وفي ميدان الصناعة والإنتاج كان الاعتقاد سائداً بأن المهندس هو المسئول الوحيد عن تصميم الآلة - وصنعها. ومع ذلك فإن المهندس قد لا يكون ملماً بجوانب الفرد الذي يعمل على قيادة وتحريك الآلة على النحو الكافي؛ لذا فقد كان لابد من اشتراك عالم النفس معه في تصميمها حتى يسهل على العامل إدارتها بأقل جهد دون أن يكون هناك أي خطر على حياته، ويسمى دور عالم النفس في هذه الناحية في علم النفس بالهندسة البشرية.
ومع التباين الهائل الذي يمكن لمسه إزاء قدرات الأفراد وميولهم واستعداداتهم فإنهم يختلفون بالكلية فيما يتمكنون من عمله، فمن تؤهله قدراته واستعداداته وميوله لأن يكون طبيباً قد لا تؤهله لأن يكون مهندساً أو محامياً أو معلماً. إذ تتطلب كل مهنة وكل حرفة قدرات واستعدادات وميول معينة. وتمتاز المجتمعات الناهضة بتنوع فرص العمل فيها أو بالأحرى بتنوع المهن والحرف فيها، ولا يوجد مثل هذا التنوع في المجتمعات البدائية لبساطة الحياة فيها وقيام أفرادها بعدد محدود من الأعمال، وتوارثهم لهذه الأعمال. ويحتم تنوع المهن في المجتمعات المتطورة، واختلافها فيما تتطلبه من قدرات والاستعدادات والميول ضرورة التوفيق بين الأفراد والمهن لوضع كل في المكان المناسب له، مما يؤدي إلى تكيف الفرد في مهنته وإقباله عليها وإنتاجه فيها.
وعلى الجانب الآخر فإن التوجيه المهني يشير إلى العمليات والإجراءات التي يتخذها علماء النفس من أجل إنشاء حس من التوافق بين الفرد وما يمكن أن يمتهنه من مركز وظيفي، وذلك يرجع لأن المهن من أجل إتقانها في تحتاج إلى الكثير من التدريب والإعداد وهو ما يظهر في أي مجتمع بدائي حيث لم يعد اكتساب الحرف من الآباء كافياً لإتقان المهنة والتفوق فيها. إذ أدى التقدم العلمي إلى زيادة المعرفة المتصلة بالمهن المختلفة والتي أصبحت ضرورية للنجاح فيها. لذا يتضمن التوجيه المهني عملية التأهيل للمهن. وخبراء التأهيل هم علماء النفس.
وتستغل المصانع والمؤسسات علماء النفس لاختيار العمال الذين تتوافر فيهم القدرات والاستعدادات والميول للأعمال المختلفة، ومن ثم القيام بإيكال المهام لهؤلاء الأفراد العاملين وتعيينهم داخل مهن محددة وذك بعد التأكد من تأهيلهم بشكل كامل أولاً فيما تمليه عليهم قدراتهم وميولهم واستعداداتهم، على أن يكون مجال الترقي والتقدم أمام العامل مفتوح، وأن تهيأ له الظروف المناسبة للعمل بتنظيم ساعات الراحة وساعات العمل، حتى لا يعتريه التعب الجسماني أو الملل النفسي. كما تهيأ الظروف الفيزيقية في المصنع أو المؤسسة من حيث الحرارة والتهوية والإضاءة والتغذية، وأن يدرب على أحسن الطرق وأقلها مجهوداً للنتاج، وأن تتخذ الاحتياطات لوقايته من الحوادث، وتأمين مستقبله، وتقديم الخدمات الاجتماعية له ولأسرته، وأن تراعي روحه المعنوية باكتشاف الحوافز التي تجعله يبذل أقصى جهده للإنتاج.
- كما يلعب علم النفس دوره في الجيوش الحديثة، فالقوات المسلحة تتطلب استعدادات وقدرات مختلفة في كل من مراكزها ليشغلها أفراد تتناسب قدراتهم مع ما تتطلبه تلك المراكز، فعلى سبيل المثال توجد العديد من الأسلحة داخل القوات المسلحة، يتفرع كل سلاح منها إلى أعمال وقيادات مختلفة، وهنا يأتي دور علماء النفس في توزيع الأفراد على الوحدات والمراكز الوظيفية داخل القوات المسلحة فيما يتوافق مع قدراتهم واستعداداتهم، بالإضافة إلى تخطيط هؤلاء العلماء إلى تدريب الجنود وتأهيلهم بالاستعانة بوسائل مستحدثة من خلال ما يحوزونه من خبرة تطبيقية في مجال علم النفس، فضلاً عن إنشاء التصميمات الحربية والآلات وفقاً لما تحتويه الهندسة البشرية من معايير ومبادئ وهو ما يرفع الضغوط عن الجنود ويعالجهم من المشاكل النفسية والاجتماعية.
- والجريمة ميدان آخر يقوم فيها عالم النفس بإجراءات توجيهية للمجرم لمساعدته على نبذ الجرائم، كما تظهر أهمية الأخصائي النفسي تجاه ما يقوم به للأشخاص المتواجدين في سلك الأحداث وذوي الاحتياجات الخاصة والإعاقات الذهنية والعقلية.
والخلاصة أن الميادين التي يعمل فيها عالم النفس حالياً متنوعة منها: ميادين الدعاية والتوجيه المهني، والصناعة، والتربية، والقوات المسلحة، والعلاج النفسي، والصحة العقلية والجريمة، والبحث العلمي في كل هذه الميادين والميدان الاجتماعي، ومن علماء النفس من يقصر اهتمامه على الحيوان فيما يسمى بعلم نفس الحيوان. وهذه الميادين ميادين تخصص في علم النفس ولا يوجد عالم من العلماء يمكنه أن يقوم بكل هذه التخصصات إذ يكفيه التخصص في فرع واحد منها. وهكذا يمكن أن نقول أن عالم النفس هو باحث علمي، إذ عليه أن يقوم بالبحوث العلمية في الميادين التي يعمل فيها وفي المجتمع للتوصل إلى الحلول العملية لها وابتداع الطرق العلمية لدراسة المشاكل التي يتناولها.
مراجع يمكن الرجوع إليها:
- همام، طلعت. (1984). سين وجيم عن علم النفس التطوري. بيروت: دار عمار.