عالم الطفولة في علم النفس
تناول المقال الحالي عوالم الطفولة ومساهمة علم نفس الطفل و مفهوم عالم الطفولة في علم النفس وعالم الطفولة والطفولة في علم النفس وعلم نفس الطفل
بذل علماء نفس الطفولة في الثلاثينات من هذا القرن الجهد لاكتشاف عوالم الطفولة لتوضيح ما كانوا يسمونه (ذهنية الطفولة)، وكانوا يقدمون الأدلة على أن هذه الذهنية التابعة لعوالم الطفولة تجتاز مراحل بارزة.
عوالم الطفولة ومساهمة علم نفس الطفل
ظهرت أمثلة على أشكال الوصف المبني على أسس البحث العلمي التي أعطوها حينذاك لذهنية الطفل بين السنتين والست سنوات من العمر. ففي هذا العمر، يكون عالم الطفل (حياتياً)، و(ذاتي المركز)، و(إجمالي الإدراك). وتتمثل الحياتية الطفولية في الميل إلى إدراك الأشياء كأنها حية ولها مقاصد. فكل شيء يقوم بنشاط، من المصباح الذي يشتعل، إلى الفرن الذي يدفئ، إلى القمر الذي يضيء. ويميل الطفل إلى إضفاء مقصداً معيناً على الأشياء لإكمال أفعالها ولتبيان نطاق تحركها وتوجهها. هكذا فالغيوم تعلم أنها تتقدم، لأنها تحمل المطر، والقمر يتبعنا في نزهاتنا ويعود إلى الوراء عندما نعود أدراجنا. واعتبر كلاياريد الإجمالية الإدراكية للفكرة الطفولية شكلاً من التفكير، ذي فهم إجمالي لعالم الحياة. فبين سنتين وست سنوات، يستعمل الطفل بسرعة (كلمات مجملة) يتضح من خلالها شمولية عالمه الإدراكي، بدون تفصيل أو تحليل أو تمييز.
غير أنه يقابل هذا النوع من التفكير سلوك مقلد يرسم به الطفل سلوك الراشدين بتبسيطه، كما لو أنه يتظاهر به. ودعا ديكرولي هذا الشكل من التفكير والحكم والفعل بـ (الاتجاه الإجمالي). وبرهن كيف أن الطفل لا يدرك التعابير المميزة في الأحكام والمقارنات التي يصوغها. ويدرك التماثل في حد ذاته، بصورة سابقة على التعابير المماثلة. ويعبر الطفل عما يشعر به بصورة إجمالية كشأن مشترك بين عدة تجارب. وتكون ردات فعله انفعالية دائماً وعميقة. ولا وجود أبداً لإجابات (باردة) أو معقلنة بصفاء. ويكون الطفل لا مبالياً أو غير منتبه، أو متحركاً بكليته بما يدركه أو بما يحصل له. ولا وجود للتفكير ولا للبعد، ولا للنسبية في الأمور.
في هذه المرحلة بين السنتين والست سنوات من العمر يتحول تكوين الطفل إلى طور جديد لأسباب وراثية، ويحول على الأشياء ما يحس به هو ذاته، بطريقة تكاد تكون سحرية. فحين يقول الطفل رداً على سؤال من بياجيه حول تصور الطفل لدرجة حرارة تمثال معين بأن (التمثال بارد) بداعي (أنه عارِ) فإنه حينئذ يفكر بطريقة (التحويل الوراثي) من داخل (عالمه السحري). ويلتصق تفكيره بالأوضاع العاطفية أو العملية التي يجري في إطارها. ويكون غير قادر على التجرد الذي يخلق الموضوعية في التفكير والحكم، حيث أن هذا العالم السحري للطفل في عمر السنتين، لا وجود لشيء خالي من المعاني والمقاصد فكل شيء له مدلول مرتبطاً بشخصية الطفل. وفي عام 1936، وصف م. ديبيس أشكال السلوك الخاصة بمرحلة المراهقة المبكرة، وابتكر مفهوم (أزمة الابتكار الشبابي) المستعمل منذ ذاك الوقت للدلالة على هذه المرحلة من المراهقة لتصبح أكثر فأكثر نوعاً من التمرد ضد الوسط والمجتمع.
في هذا العمر، يفقد المراهقون المبكرون الاتصال بالعالـم الخارجي والآخرين، ويبدؤون العيش في عالـم آخر يخصهم، عالم من الصور والذكريات والأفكار الغريبة والمبادرات غير المنتظرة، ويلاحظ أنهم يكونون مضطربين تارة بلا مبرر، ولا مبالين أمام الأحداث الصعبة تارة أخرى، ويحصل أن يروا مشهداً من الحياة اليومية كما لو أنه مشهد سينمائي أو إيمائي. كما يوجد تنافر بين ما يشعرون به وما يقولون، بين محتوى ونبرة كلامهم. فيتحدثون بجدية عن أشياء خطيرة، وينفرون فجأة من بعض الأمور والنشاطات والشخصيات، ويقعون في الحب بشكل سريع؛ كما أنهم يتميزون باستخدام ذكاءهم لحل المعاني المألوفة للأمور اليومية التي يخافون منها. ويناقشون فيما بينهم اختباراً لأفكارهم الفلسفية المتشائمة. ويظنون أن الآخرين، وخاصة الراشدين، تستحوذ عليهم الأحكام المسبقة السخيفة.
من هنا تبرز المبادرات المختلفة وأشكال الرفض (النهائي) لدى المراهقين للاتصال بالآخرين، وأشكال الاستياء العدائية تجاه الأشخاص الآخرين في محيطهم الذين يعتبرونهم غير مدركين لما يمتلكونه من أفكار مستحدثة وجذابة. كما أن المراهقون يناقشون وضع العائلة ويمثلونه بالمجتمع الذي يعتبر في نظرهم وسط للإفساد والعنف والكبت ويطرحون أنفسهم كمصارعين معادين لنطاق هذا المجتمع والأسرة. هذا وفي فترة الثلاثينيات بدأ علم نفس الطفل ينشد نتائج ملاحظاته واختباراته. وساهمت هذه النتائج بالترويج بشدة لمفهوم العوالم الخاصة بالطفولة.
مراجع يمكن الرجوع إليها:
- موكيالي، أليكس (1997). علم النفس الجديد. لبنان: منشورات عويدات.