تأثير العلاقات الإنسانية في الفكر التنظيمي
تناول المقال الحالي العلاقات الإنسانية في الفكر التنظيمي ومفهوم العلاقات الإنسانية في الفكر التنظيمي وأثر فكرة العلاقات الإنسانية في الفكر التنظيمي الحديث.
ظهر من خلال النظر إلي العيوب والانتقادات التي وجهت إلي النظرية الكلاسيكية للتنظيم وإلي حركة العلاقات الإنسانية، تيار جديد من التفكير في النمو والانتشار. ويهدف هذا التيار الجديد إلي محاولة التوصل إلي تفسير أسلم لظاهرة التنظيم. ويتميز التيار الجديد بأنه يركز أساساً على السلوك الإنساني في التنظيمات، ولا يبدى اهتماماً كبيراً بالتكوين الداخلي للتنظيم.
أثر فكرة العلاقات الإنسانية في الفكر التنظيمي الحديث
يقوم التيار الجديد في نظريات التنظيم على الأسس الآتية بصفة عامة:
- تبدأ النظريات الجديدة من افتراض أن التنظيم الرسمي بشكله التقليدي لا يوفر الجو الصالح للسلوك التنظيمي السليم.
- إن الإنسان والسلوك الإنساني من المتغيرات الأساسية المحددة للسلوك التنظيمي.
- أن الجوانب موضع التركيز في دراسة الإنسان هي تكوينه النفسي والاجتماعي وليس تكوينه الفسيولوجي الذي ركزت عليه نظرية الإدارة العلمية.
- إن البيئة أو المجتمع متغير رئيسي آخر في تحديد السلوك التنظيمي. وبالتالي فالنظريات الجديدة تعتبر التنظيم نظاماً مفتوحاً يتبادل التأثير مع البيئة المحيطة.
- هناك ميل للتقليل من أثر الجوانب أو المتغيرات غير السلوكية في التنظيم خاصة الهيكل.
- هناك تركيز في النظريات الجديدة على أثر التنظيم غير الرسمي في التنظيم وتفصيل لواقع هذا التنظيم غير الرسمي على التنظيم الرسمي.
ولقد بدأت تلك النظريات الجديدة في الظهور خلال الفترة بين (1940-1960) وقد تأثرت إلي حد بعيد بتيار حركة العلاقات الإنسانية والتي لفتت الأنظار إلي أهمية العنصر البشرى في التنظيم وتأثير الجماعات والعلاقات غير الرسمية على الإنتاجية وتحقيق أهداف التنظيم. ويبدو تأثر هذه النظريات بحركة العلاقات الإنسانية أوضح ما يكون. ولقد انتهى الأمر بكثير من تلك النظريات إلي اقتراح سياسات معينة من شأنها زيادة إشراك العنصر البشرى في العملية التنظيمية ومنها إشراك العمال في الإدارة وتكبير العمل. كذلك نجد أن تأثير علم النفس ببدو واضحاً في تلك النظريات التي تحلل الشخصية الإنسانية وتعرض التناقض الأساسي بين خصائص الشخصية النامية وبين متطلبات التنظيم الرسمي.
ومن ناحية أخرى تعتبر كل من الدوافع والقيادة أساس نظرية معدلة للتنظيم. إن مصدر التعديل في النظرية هو اختلاف مركز الثقل فيها عن النظريات الكلاسيكية، فالنظريات الكلاسيكية كانت تركز أساساً على العمل والهيكل وعلى العكس نجد أن النظريات الجديدة تركز على الإنسان باعتباره من المتغيرات الرئيسية إن لم يكن المتغير الأساسي في التنظيم. وحينما نستعرض تلك النظريات المختلفة نلمس فيها جنوحاً إلي المبالغة في تعظيم الدور الذي يلعبه السلوك الفردي في التنظيم وميلاً إلي تفضيل تكييف التنظيم الرسمي ليلاءم خصائص وحاجات الأفراد الأمر الذي أدى بواحد من أنصار تلك المدرسة في نظريات التنظيم إلي اعتبار أن كل أنواع السلوك الإنساني التي تحدث داخل التنظيم هي من العوامل المؤثرة فيه حتى السلوك المنحرف.
وقد يبدو منطقياً أن نعترف بأثر السلوك المنحرف على التنظيم، إلا أنه ليس منطقياً أن نسمح باستمرار وجوده والنظريات المعدلة لا تدلنا كثيراً على أساليب تقويم السلوك الفردي أو الجماعي لإعادته إلي الإطار التنظيمي العام الذي يخدم أهداف التنظيم. ولا شك أن تحليل الظروف التاريخية والموضوعية التي صاحبت نشأة وتطور هذه النظريات المعدلة يساعدنا كثيراً في تفهم سر هذا التركيز الغريب على أهمية الفرد والعمل على تطويع التنظيم لرغباته وسلوكه الشخصي. لقد نمت تلك النظريات من خلال حركة العلاقات الإنسانية التي بدأت نتيجة للتجارب المثيرة التي أجراها التون مايو ومجموعة من الباحثين من جامعة هارفارد الأمريكية في مصانع شركة وسترن اليكتريك والمعروفة باسم تجارب هوثورن. لقد أحدثت تلك التجارب انقلاباً خطيراً في التفكير التنظيمي. حيث كانت أفكار الإدارة العلمية تركز على العناصر الفنية في التنظيم، وتبرز التخصص وتقسيم العمل واستخدام الأسلوب العلمي في اختيار العامل الأفضل وتدريبه على أحسن طرق الإنتاج باعتبارها شروط الكفاءة. كما أسهمت أفكار ومبادئ الإدارة العلمية في إعطاء أهمية كبرى للمتغيرات المادية في العملية الإنتاجية باعتبارها المحددات الرئيسية للكفاءة الإنتاجية.
مراجع يمكن الرجوع إليها:
- السلمي، على. (1995). السلوك الإنساني في الإدارة. القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر.