وجهات النظر الأربع في علم النفس المعاصر
يتناول المقال الحالي وجهات النظر الأربع في علم النفس المعاصر وهي: - وجهة نظر التحليل النفسي و وجهة نظر السلوكية و وجهة النظر المعرفية و وجهة النظر الإنسانية
لم يعد التعبير عن اتجاهات علم النفس المعاصر في مجال البحث العلمي بـ " المدارس" محل ترحيب ، وإنما مصطلح علم النفس المعاصر المستخدم في التعبير عن تلك الاتجاهات هو مصطلح (وجهات النظر)،
- وجهة نظر التحليل النفسي
قام اتجاه التحليل النفسي على شخصية الفرد وما يحمله من مشاعر مكبوتة في اللاوعي، وقد فكز التحليل النفسي ابتداء من فرويد على اللاوعي، والنظام النفسي المركب من (الهو والأنا ، والأنا العليا).
ويقوم التحليل النفسي على أن كل تصرفاتنا وحياتنا النفسية تنبع من عمليات لا شعورية، وهي ناتجة عن المخزون في اللاوعي لدى الأفراد من رغبات ومخاوف لا يدركها الفرد نفسه، ولكنها موجودة وتؤثر على أفكاره وسلوكه وحالته النفسية.
ويرى فرويد أن ذلك المخزون في اللاوعي يتراكم عبر مراحل التربية المختلفة منذ بداية تكون الجنين، وأن كثيرا من المحاذير التي يفرضها الكبار على الصغار تختزن في شكل رغبات مكبوتة تظل مؤثرة على حياته النفسية ويظهر أثرها على سلوكه، وكذلك تظهر في شكل الأحلام أو زلات اللسان أو في الأمراض العقلية، وقد تظهر في شكل إبداع فني.
بشكل عام لم تعد أفكار فرويد مقبولة بشكل مطلق في الوقت الحالي، فعلماء النفس يرفضون هذا الفصل التام بين الوعي واللاوعي، فرغم إقرارهم بوجود مساحات يعمل بها اللاوعي ، إلا أن فرويد قد جعل فرويد من البشر مجرد حيوانات تحركهم الغرائز، أو آلات يتحركون بدون إدراك ووعي لتصرفاتهم.
- وجهة نظر السلوكية
أسس (واطسون) السلوكية وناصره من السلوكيين الأوائل: (ماكس ماير، والتر هنتر، لاشلي). وقد وصف واطسون السلوكية بأنها علم موضوعي تجريبي محض هدفها التنبؤ بالسلوك والسيطرة عليه، وهو يقرر مجموعة من المبادئ منها أنه يمكن تجزئة السلوك إلى وحدات بسيطة من المثيرات والاستجابات، كما ركز في أبحاثه على فعل الفرد في المواقف المعينة ونوع الاستجابة الناتجة عن مثير معين.
وقد وجهت بعض الانتقادات إلى السلوكية الكلاسيكية تركيزها على السلوك الصادر من الفرد وإهمالها طبيعة شخصيته والمشاعر والعواطف ، وكذلك العديد من السمات النفسية مثل الثقة بالنفس والعصبية وغير ذلك.
ومن هنا فقد اتجه العديد من علماء النفس السلوكيين إلى من أمثال (كلارك هل، وتولمان ، وسكنر) إلى اتخاذ مواقف أكثر لينا والاهتمام بالظواهر التي أهملتها السلوكية الكلاسيكية، وبذلك فقد درس السلوكيين المحدثين جميع الظواهر النفسية من وجهة نظر سلوكية، فقد شملت أبحاثهم ابتداء من استجابة الفأر لصدمة كهربية إلى العمليات العقلية والنفسية التي يقوم بها الفرد ولا تلاحظ مباشرة مثل الانفعال والمشاعر المختلفة التي يمر بها الفردبما جعل للسلوكية الجديدة دور كبير في دراسات علم النفس.
- وجهة النظر المعرفية
كان هدف السلوكيون هو وضع معايير محددة لدراسة النفس والسلوك الإنساني، وكان نتيجة ذلك أن ظهور علم النفس كعلم له قواعده وضوابطه والاهتمام بالمقاييس النفسية، وبذلك فقد اعتبرت السلوكية خطوة هامة لعلم النفس.
إلا أن السلوكية أهملت العديد من الجوانب الشخصية - كما سبق الإشارة إلى ذلك سابقا- ، وبالتالي ظهرت وجهة النظر المعرفية كرد فعل على السلوكية التي تعتمد على فكرة (المنبه – الاستجابة)، حيث ينظر المعرفيون إلى السلوك الإنساني على أساس قدرة الناس على التفكير والتخطيط واتخاذ القرار، وأن تلك العمليات تتم على أساس المعلومات التي يتذكرونها، حيث يقومون بعملية انتقاء للمعلومات، وبناء على تلك العملية الانتقائية يصدر السلوك.
وتقوم وجهة النظر المعرفية على أساس مجموعة من العمليات العقلية مثل الإدراك والتذكر وتجهيز المعلومات، وبذلك فإن علم النفس المعرفي يهدف إلى تفسير عملية تنظيم العمليات العقلية وكيفية عملها.
ترى وجهة النظر المعرفية أن الفرد ليس مجرد مستقبل سلبي للمنبهات، حيث يقوم العقل باستقبال المعلومات وتجهيزها ويحولها إلى أشكال جديدة.
فالمخ يتلقى المعلومات من الحواس عن طريق الجهاز العصبي، ثم يقوم بتجهيزها لتعطي معاني، فمثلا عند قراءة كتاب يستقبل المخ من المعلومات الناتجة عن الرؤية من العين، فيترجم النقط والخطوط السوداء إلى كلام، هذا الكلام يكون له معنى في المخزون المعرفي للفرد، وهكذا تتم عملية القراءة، والتي تعتمد على الرؤية.
- وجهة النظر الإنسانية
من أبرز رواد الاتجاه الإنساني: أبراهام ماسلو فريدريك بيرلز، كارل روجرز وقد سمي الاتجاه الإنساني بالقوة الثالثة في علم النفس (بجانب السلوكية والتحليل النفسي).
والذين ركزوا في دراسة السلوك على الخصائص المميزة للإنسان، وأهمها (حرية الإرادة والدافع إلى تحقيق الذات)، فوجود تلك الحاجات تمثل دافع للفرد نحو السلوك الذي يمكنه من الحصول عليها، فكل إنسان يحتاج إلى تطوير إمكاناته وقدراته إلى أقصى حد، ورغم وجود العديد من العقبات التي قد تتمثل في البيئة الاجتماعية أو الطبيعية ، إلا أن الفرد يميل إلى الوصول للحد الأقصى لتطوير قدراته والوصول إلى غاياته.
ويمكن الإشارة إلى السمات الأساسية للمنحى الإنساني فيما يلي:
- الهدف الأساسي لعلم النفس مساعدة الأفراد على فهم أنفسهم وتطوير إمكاناتهم إلى أقصى حد ممكن.
- دراسة الإنسان ككائن متكامل دون تقسيمه إلى فئات كالإدراك والشخصية.
- يجب أن يركز علم النفس على المشكلات الأهم بالنسبة للإنسان مثل : المسئولية وتحقيق الذات والقيم.
- يجب التركيز على وعي الفرد بذاته وخبراته.
- الاهتمام بالفرد ذاته أكثر من الاهتمام بالوصول إلى قوانين عامة.
- يتعين الاهتمام بفهم الفرد غير العادي وكذلك النمط العام والشائع بين الناس، وليس الاهتمام
مراجع يمكن الرجوع إليها:
- عبد الخالق، أحمد محمد. دويدار، عبد الفتاح محمد (1999). علم النفس أصوله ومبادئه. القاهرة. دار المعرفة الجامعية.