الدافعية في السلوك الإنساني
تناول المقال الحالي الدافعية في السلوك الإنساني وتعريف الدافعية في السلوك الإنساني ودور الدافعية في تحسين السلوك الإنساني وفئات الدافعية في السلوك الإنساني.
تعتبر الدافعية أحد مجالات البحث الرئيسية في علم النفس التي تسعي إلى التعرف على محددات السلوك الإنساني والحيواني. فالدافعية لهذا التعريف هي عملية إثارة السلوك والاحتفاظ به في حالة استمرار، كذلك هي عملية تنظيم نمط هذا السلوك. وقد تم تعريف الدافعية أيضاً على أنها الاسم العام الذي يعبر عن حقيقة أن السلوك الإنساني يتحدد جزئياً نتيجة لطبيعة الفرد وتكوينه الداخلي.
فئات الدافعية في السلوك الإنساني
نستطيع تقسيم الدوافع إلى الفئات الآتية:
- دوافع متعلقة بالحاجات الأساسية الإنسان:
تعتبر الحاجات الأساسية هي التي لا غنى للفرد عن إشباعها حتى يبقي على قيد الحياة. مثال على ذلك الحاجة إلى الأكل والشرب واستنشاق الهواء وغيرها من الحاجات البدنية التي ترتبط باحتياجات الإنسان الفسيولوجية، وتلك المجموعة من الحاجات واضحة وضوحاً كاملاً ولا يمكن أن نتصور اختلاف الأفراد على أهميتها أو ضرورتها. فهي حاجات لا تختلف باختلاف المجتمع كما أن الأفراد جميعاً يتساوون في الشعور بها مهما اختلفت الأعمار أو الثقافات أو الهوايات. وقد أرتبط مفهوم تلك الحاجات الأساسية بتعبير الغرائز التي وصفت بأنها قوى دافعة فطرية وموجودة في مكان ما من الكائن الحي. وقد اختلف العلماء في تصنيف الغرائز. بعضهم قسمها باستخدام أسس البحث العلمي إلى نوعين أساسيين هما غريزة المحافظة على الذات والمحافظة على النوع. وبذلك يعتقد بعض العلماء أن السلوك الإنساني يتم بفعل قوة دافعة هي المحافظة على حياة الفرد ونوعه. ومن ناحية أخرى يعتقد العلماء أن السلوك الإنساني يمكن تفسيره من خلال الرغبة في السيطرة من أجل الحياة والبقاء.
- دوافع تتعلق بالحاجات النفسية للإنسان:
إن الإنسان لا يعيش لمجرد إشباع حاجاته البدنية الأساسية ولكن هناك حاجات أخرى يشعر بها ويسعى إلى إشباعها. تلك الحاجات الجديدة هي ما نطلق عليه (الحاجات النفسية) وهى تتعلق برغبة الفرد في الانجاز وتحقيق النتائج، والرغبة في الحصول على مركز اجتماعي مرموق والحاجات العاطفية كالحب والصداقة وغيرهما. تلك الحاجات النفسية تميز الإنسان عن غيره من الكائنات وهى تنمو مع الفرد وتشتد أو تضعف تبعاً لظروف الحياة ومراحل تطوره. والحاجات النفسية تتصف بكونها شخصية إلى حد بعيد بمعنى أنها قد توجد في بعض الأفراد دون غيرهم. مثال على ذلك أن فرداً معيناً قد يشعر بحاجة جارفة نحو الاندماج في جماعات وتكوين صداقات في حين أن شخصاً أخر قد يعزف تماماً عن الالتقاء أو الاستجابة للآخرين، كما إننا نستطيع أن نصف شخصاً بأنه طموح حيث أن سلوكه يتميز بقوة دافعة تحركه في اتجاه العمل من أجل تحقيق مستويات أعلى من المتقدم والتميز باستمرار، في حين أننا قد نصف شخصاً أخر بأنه خامل حيث لا يبدى في سلوكه ما يشير إلى أنه بحاجة إلى التقدم أو تحسين مركزه. ولا شك أن تقييم مدى توافر تلك الحاجات النفسية في الأفراد يتخذ أساساً للحكم على شخصياتهم وبالتالي للحكم على مدى صلاحيتهم لأعمال أو مهن معينة.
- دوافع تتعلق بحاجات الإنسان الاجتماعية:
لقد فطر الإنسان على الحياة في جماعة ولا يستطيع أن يحيا بمعزل عن الناس الآخرين. لذلك تنمو في الفرد مجموعة من الحاجات الاجتماعية التي يسعى لإشباعها بإتباع أنماط معينة للسلوك مثال تلك الحاجات الاجتماعية الحاجة إلى تكوين الصداقات، الرغبة في مساعدة الآخرين، وكذلك رغبته في تقديم الناس للمساعدة وحاجته إلى التَّفَرُّد وكسب احترام الغير وتقدير الذات. كل تلك الحاجات وأمثالها تخلق في الفرد قوى دافعة تحركه للسلوك في اتجاهات محددة. فلا شك أن الفرد الذي يسعى إلى إشباع رغبته في الظهور بمظهر متميز سوف يسلك أنواعا من السلوك تختلف عن تلك التي يلجأ إليها شخص لا يشعر بنفس الحاجة.
- دوافع تتعلق بحاجة الإنسان إلى تأكيد الذات:
تلك المجموعة من الدوافع ترتبط بحاجة الإنسان إلى أن يحقق الصورة التي يتخيلها لنفسه. إن كلاً منا يكون لنفسه صورة معينة في مخيلته ويسعى إلى تحقيقها، والقوى التي تخلقها تلك الحاجات يمكن أن تحرك السلوك الإنساني في اتجاهات تختلف بطبيعتها عن الاتجاهات التي يسلكها الفرد لإشباع حاجاته الأساسية مثلاً. تلك إذن هي مجموعة الحاجات التي يشعر بها الإنسان والتي تعتبر أساساً لنشأة الدوافع التي تحرك السلوك وتوجهه. إن ما نريد تأكيده هو أن هذه الحاجات ترتبط ببعضها البعض في تسلسل هرمي في قاعدة الحاجات الأساسية أو البدنية تتلوها الحاجات النفسية ثم الحاجات الاجتماعية وتأتى الحاجة إلى تأكيد الذات عند قمة الهرم. وتعمل تلك الحاجات على تحريك السلوك في تناسب عكسي مع درجة إشباعها. أي أن الحاجة غير المشبعة هي التي تحرك السلوك وتدفعه، فإذا أشبعت تلك الحاجة إشباعاً يراه الفرد معقولا، تقل أهميتها النسبية كمحرك للسلوك ودافع له.
يُذكر أن الإلمام بجميع ما يتطلبه الإنسان من حاجات يبتغي إشباعها يعتبر ضرورة حتمية حتى يتم تفسير سلوكه بواسطة مفهوم الحاجات، ، أي أن مجرد شعور الفرد بحاجة معينة لا يكفى لتفسير سلوكه أو المساعدة على التنبؤ بهذا السلوك. وإنما نحن نرى أن هناك أربعة جوانب لمفهوم الحاجة ينبغي أن يحيط بها الباحث حيث يستطيع أن يصل إلى تفسير سليم للسلوك.
والجوانب الأربعة للحاجة الإنسانية هي:
- أهمية الحاجت التي يبتغي الإنسان إشباعها من وجهة نظره الشخصية.
- المعدل أو المستوى الذي يرغب الإنسان في الوصول إليه فيما يتعلق بإشباع حاجاته.
- المعدل أو المستوى الذي يحدث بالفعل فيما يتعلق بإشباع حاجاته.
-وعي الفرد الكامل بأن مستوى الإشباع هو محتمل الحدوث.
معنى ذلك أن مجرد سؤال الفرد عن الحاجات التي يشعر بها أو التعرف على تلك الحاجات لا يعتبر تفسيراً كافياً أو سليماً للسلوك إلا إذا تبين الباحث بالنسبة لكل من تلك الحاجات الجوانب الأربعة السابقة. فقد يشعر الفرد بحاجة إلى تحقيق مركز اجتماعي مرموق، إلا أن تلك الحاجة لن تصبح دافعاً حقيقياً للسلوك إلا إذا كانت تحتل أهمية كبيرة بالنسبة له، وكان مستوى إشباع تلك الحاجة الفعلي أقل من المستوى المطلوب للإشباع، وأخيراً إذا كان الفرد يرى أن احتمال وصوله إلى هذا المركز الاجتماعي المنشود احتمال كبير.
مراجع يمكن الرجوع إليها:
- السلمي، على. (1995). السلوك الإنساني في الإدارة. القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر.