محددات السلوك الإنساني
تناول المقال الحالي تعريف سلوك الإنسان ومحددات السلوك الإنساني والعوامل المؤثرة على السلوك الانساني مثل العوامل الجينية- الجبلية والخبرات السابقة المتعلمة والحالة الفسيولوجية والمؤثرات البيئية المحيطة بالفرد
يدرس علم النفس سلوك الإنسان بطريقة علمية، فالسلوك الإنساني هو مجموعة من الاستجابات التي تصدر عن الفرد كرد على مثيرات معينة، فنقوم بتوضيح أن أي سلوك ينتج عن الإنسان يعتبر محصلة لتفاعل عدة عوامل وذلك يعني أنه لا يمكن فهم السلوك الصادر عن الإنسان إلا بناء على هذه العوامل المتفاعلة مجتمعة وذلك لتعقد السلوك البشري.
محددات السلوك الإنساني:
أولاً: العوامل الجينية- الجبلية
يولد الإنسان وهو مزود ببعض الخصائص التي يشترك فيها مع غيره من أفراد الجنس البشري، ومن هذه الخصائص الأوجاع العصبية البسيطة والأفعال المنعكسة، وتجنب المثيرات المؤلمة المنفرة والهرب من الخطر، وثمة مجموعة من الخصائص التي يولد الإنسان مزودا بها إلا أنها تكون خاصة، وليست مشتركة بين بني البشر جميعا مثل عتبه إحساسه بالألم، وعتبه الإحساس القصوى، أي أعلى كمية من المثير يمكن تحملها الشخص دون أن يتغير نوع المثير، ويطلق على المجموع الأولى من الخصائص Genotype أما المجموعة الثانية من الخصائص فيطلق عليها Phenotype أو الخصائص الجينية الكامنة في مقابل الخصائص الجينية الظاهرة.
وبالرغم من التقدم العلمي إلا أنه لم يستطع العلماء فصل العوامل الأولى عن الثانية مما أدى إلي تسميتها معا باسم "الخصائص الجبلية" وكذلك لم يستطع العلماء تغيير هذه العوامل قبل الميلاد، بالرغم يمكن التعديل بعد الميلاد مثل تدريب الإنسان على أن يتحمل مستوى من الألم يفوق مستواه السابق، أو تدريب الإنسان على الإقدام على المثيرات الخطرة.
ثانيا: الحالة الفسيولوجية
يعتبر الجهاز العصبي مسئولا عن تحقيق التكامل داخل جسم الإنسان إذ يسيطر وينظم وظائف الجهاز الغددي وحركات العضلات الإرادية وغير الإرادية، وبالتالي فإن أي تأثير على الجهاز العصبي يؤثر على سلوك الشخص، فالأدوية المهدئة تؤثر على السلوك من خلال الجهاز العصبي، والحرمان من النوم يؤثر على السلوك من خلال الجهاز العصبي، وارتفاع درجة الحرارة تؤثر على السلوك وغير ذلك.
وإذا كان الجهاز العصبي له دوره الهام في السلوك فإن للحالة الفسيولوجية للإنسان قبل وأثناء ممارسة السلوك دورها في الأداء، فالجائع تكون استجابته للمثيرات المرتبطة بالطعام مختلفة عن استجابة الشبعان، وبالتالي فإنه يمكن تعديل سلوك الشخص بالتحكم في حالته الفسيولوجية(بحرمانه من الطعام مثلا- أو النوم لعدة الساعات)، ويجب الإشارة إلي أن الحالة الفسيولوجية للكائن فقد تكون جبلية دائمة مثل ضغط الدم أو تكون مؤقتة مثل الحرمان من الطعام.
ثالثا: الخبرات السابقة المتعلمة
يمكن القول بأن الكثير من الاستجابات تعتبر نتيجة التاريخ طويل من التعلم في المواقف السابقة، وبالتالي فإن التنبؤ بالسلوك الإنساني إنما يكون على أساس معرفتنا بخبرات الشخص المتعلمة من قبل المواقف السابقة، فالطفل الذي يبكي كلما أراد الحصول على شيء ما قد اكتسب هذا السلوك وتعلمه نتيجة استجابة والدية لرغباته كلما بكي في مواقف سابقة، وبالتالي يمكن التنبؤ بأن هذا الطفل سيبكي إذا أراد الحصول على أي شيء آخر، ولتعديل هذا السلوك يدب الطفل على أساليب سلوكية لإشباع حاجاته، فإذا لم يحصل الطفل على الشيء الذي يبكي عليه عدة مرات، وطلب منه أن يسكت أولا لكي يحصل عليه، فإنه بذلك يمكن تعديل سلوكه في نفس الموقف وفي المواقف المماثلة.
رابعا: المؤثرات البيئية المحيطة بالفرد
يقصد بالبيئة بمعناها الواسع مجموعة من المؤثرات أو المثيرات التي يتعرض لها الفرد من الإخصاب في الرحم حتى الوفاة، ويستجيب لها استجابات متعددة تساعده على التعامل معها، وقد تكون هذه المؤثرات جغرافية كطبيعة البيئة وتضاريسها ومناخها، وقد تكون تاريخية متمثلة في تقدم حضارة وثقافة المجتمع، وقد تكون اجتماعية متمثلة في عادات وتقاليد وأديان وأنماط التعامل الاجتماعي داخل الأسرة وخارجها، وقد تكون سيكولوجية متمثلة في اهتمامات الفرد وميوله وعاداته واتجاهاته.
ويختلف تأثير البيئة بهذا المعنى على الأفراد اختلافا كبيرا، فسلوك القروي يختلف عن سلوك الساحلي، وسلوك الطفل الأول يختلف عن سلوك الطفل الثاني والثالث، أم البيئة بمعناها الخاص فهي عبارة عن الوقائع التي تسبق السلوك أو النتائج المترتبة على تلك الوقائع والنتائج ، ويمكن ملاحظتها وتسجيلها والحكم فيها بحيث نغير سلوك التلميذ الذي لا ينتبه إلي مدرسه فيمكن إثابته عندما ينتبه إلي الدرس، وبتكرار تدعيم السلوك المرغوب وفقا لأسلوب معين تتكون عادة سلوكية جديدة في الانتباه إلي المدرس.